دليل السفر إلى جورجياأجمل دولة للسياحة بين الطبيعة والثقافة
مقدمة على مفترق طرق بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية، تقع جورجيا (Georgia)، أو
"ساكارتفيلو" (Sakartvelo) كما يطلق عليها أهلها، وهي دولة صغيرة في حجمها لكنها
عملاقة في تاريخها وثقافتها وتنوعها الطبيعي. أكثر من مجرد نقطة على الخريطة،
جورجيا هي حكاية ترويها جبال القوقاز الشامخة، كنائسها القديمة المنحوتة في الصخر،
ومائدتها العامرة التي تمثل رمزاً للكرم والضيافة. هذا المقال يغوص في أعماق هذه
الدولة الساحرة لاستكشاف أسرار جمالها وتفردها. 1. الموقع الجغرافي والطبيعة
الساحرة · الموقع الاستراتيجي: تقع جورجيا في منطقة القوقاز، يحدها من الغرب البحر
الأسود، ومن الشمال روسيا، ومن الجنوب تركيا وأرمينيا، ومن الجنوب الشرقي أذربيجان.
هذا الموقع جعلها جسراً طبيعياً وحلقة وصل بين القارات عبر التاريخ. · تنوع طبيعي
مذهل: على الرغم من مساحتها الصغيرة، تضم جورجيا مجموعة مدهشة من المناظر الطبيعية:
· الجبال الشاهقة: تُهيمن سلسلة جبال القوقاز الكبرى على الشمال، بما فيها قمة جبل
شخارا، أحد أعلى القمم في أوروبا. وتوجد في الجنوب جبال القوقاز الصغرى. · الوديان
الخصبة: مثل وادي ألاتاني في منطقة كاخيتي، والتي تعتبر مهد النبيذ في العالم. ·
المنتجعات الساحلية: على سواحل البحر الأسود، مثل مدينتي باتومي وسوخومي (في
أبخازيا). · الينابيع الحارة والكهوف: أشهرها كهف بروميثيوس المضيء.
2. نبذة تاريخية موجزة شكلت جورجيا مملكة موحدة في العصور الكلاسيكية القديمة، ومرت
بتاريخ حافل: · العصر الذهبي: شهدت المملكة عصرها الذهبي في القرن الثاني عشر تحت
حكم الملكة تامار، التي وسعت نفوذ المملكة وازدهرت فيها الفنون والأدب. · فترات
الاحتلال: تعرضت للغزو من قبل الإمبراطوريات المجاورة مثل المغول، والعثمانيين،
والفرس. · الضم إلى روسيا: في عام 1801، ضمت الإمبراطورية الروسية مملكة
كارتلي-كاخيتي الشرقية، وأصبحت جورجيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي لاحقاً. ·
الاستقلال: أعلنت جورجيا استقلالها عن الاتحاد السوفيتي في 9 أبريل 1991. ·
الصراعات الإقليمية: عانت جورجيا من نزاعات مسلحة في منطقتي أبخازيا و أوسيتيا
الجنوبية، اللتين أعلنتا انفصالهما ولا تزالان نقطة خلاف دولي. 3. الثقافة والتراث
الغني · اللغة والأبجدية: اللغة الجورجية هي لغة فريدة ذات أبجدية خاصة تسمى
"المخدولي"، وهي واحدة من 14 لغة قديمة في العالم. · الدين: الغالبية العظمى من
السكان هم من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الجورجية، التي لعبت دوراً محورياً في
الحفاظ على الهوية الوطنية عبر القرون. · الضيافة الجورجية: "ضيف من الله" هو شعار
يمثل ثقافة الكرم والضيافة الجورجية الأصيلة. الاستقبال الحار وموائد الطعام
العامرة هي جزء أساسي من العادات الاجتماعية. · الفنون: تشتهر جورجيا بموسيقاها
البوليفونية متعددة الألحان، والتي أدرجتها اليونسكو في قائمة التراث الثقافي غير
المادي للإنسانية. كما تشتهر برقصاتها التقليدية القوية والأنيقة. 4. المطبخ
الجورجي: وليمة للحواس لا يمكن الحديث عن جورجيا دون ذكر مطبخها الشهي، الذي أصبح
علامة فارقة في المنطقة: · خبز الشاشليك (خينكالي): زلابية كبيرة محشوة بلحم البقر
أو الخنزير والتوابل، وتؤكل باليد. · خبز الجبن (خاتشبوري): أشهرها "خاتشبوري
آجارولي" من منطقة أدجارا، وهو خبز على شكل قارب مليء بالجبن الذائب والبيضة. ·
شرائح اللحم (متسفادي): لحم مشوي على الفحم، غالباً من لحم الخنزير أو البقر. ·
صلصة الجوز (ساتسيفي): طبق دجاج أو ديك رومي بصلصة الجوز الكريمية. · النبيذ: تعتبر
جورجيا مهد النبيذ في العالم، حيث تم اكتشاف أقدم آثار لصناعة النبيط تعود لـ 8000
عام. ما زالت تصنع النبيذ بطريقة تقليدية في أواني فخارية تسمى "كفيري". 5.
الاقتصاد والسياحة · الاقتصاد الناشئ: يعتمد الاقتصاد الجورجي على الزراعة (النبيذ،
الفواكه)، السياحة، التعدين، و الخدمات. تشهد البلاد نمواً اقتصادياً ملحوظاً وتعمل
على جذب الاستثمارات الأجنبية. · السياحة: أصبحت جورجيا وجهة سياحية شهيرة، تجذب
السياح بـ: · العاصمة تبليسي: بمنازلها الخشبية الملونة، الحمامات الكبريتية،
والقلعة القديمة. · منطقة كاخيتي: لزيارة مصانع النبيذ التقليدية. · منطقة سفانيتي:
المدرجة على قائمة اليونسكو، وتشتهر بقرى أبراجها الحجرية العالية. · منتجع
غوداوري: للتزلج في الشتاء. · مدينة باتومي: على البحر الأسود، بمبانيها الحديثة
وكازينوهاتها. 6. معلومات عملية للمسافر · العاصمة: تبليسي (Tbilisi). · التأشيرة:
يتمتع حاملو جوازات السفر للعديد من الدول العربية (مثل الإمارات، السعودية، قطر،
البحرين، الكويت، عمان) بإمكانية الدخول بدون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول لفترات
محددة. يُنصح بالتحقق من السفارة الجورجية لأحدث المعلومات. · أفضل وقت للزيارة: من
مايو إلى أكتوبر للطقس الدافئ والأنشطة في الهواء الطلق، ومن ديسمبر إلى مارس لمحبي
رياضة التزلج. الخاتمة جورجيا هي أكثر من مجرد دولة؛ هي تجربة تشمل جميع الحواس.
إنها رحلة عبر الزمن في أديرة منحوتة في الجبال، وهي وليمة طعام وشراب تروي قصة
أقدم حضارة للنبيذ، وهي احتضان دافئ من شعب يعتبر ضيافته شرفاً. بجمال طبيعتها
الآسر، وتراثها الثقافي العميق، ومطبخها الذي لا يُنسى، تثبت لؤلؤة القوقاز أنها
جوهرة مخفية تستحق أن تُكتشف.
تعليقات
إرسال تعليق